المضحك المبكي في فعاليات المسرح اللبناني، هو التبدل الكيفي وغير المفهوم للتفاهمات والتحالفات وحتى اللقاءات. و هذه التفاهمات المجندة والمطلوبة دائما، تخضع بطبيعة السياسة اللبنانية، لميزان القوة والمصلحة، وللظروف المتبدلة المتصلة بهما، فتكون جامعة وإقصائية في آن، فنراها تجمع حليفين لتقصي – وبشكل حاد – حلفا آخر أو جماعة أخرى.

في ساحات العمل السياسي الوطني، تتسع مساحات التلاقي بين مكونات الجماعات السياسية، بالنظر إلى وفرة المصالح المشتركة بين هذه الجماعات، واقتصار مواضع الخلاف على تقنيات السياسة والإقتصاد، وربما السياسة الخارجية والأمن. أما في مجتمعنا اللبناني الواسع الضيق، فتختلف الصورة تماما، تبعا لاتساع الصدع بين مكونات هذا المجتمع. هذا الصدع الناشئ عن وصول الخلافات المزمنة إلى حدود الخوف الوجودي المتبادل – حقيقيا كان هذا الخوف أو مصطنعا – بالإضافة إلى تبادل الإتهامات بالإقصاء الجماعي.

لكن المضحك المبكي في فعاليات المسرح اللبناني، هو التبدل الكيفي وغير المفهوم للتفاهمات والتحالفات وحتى اللقاءات. و هذه التفاهمات المجندة والمطلوبة دائما، تخضع بطبيعة السياسة اللبنانية، لميزان القوة والمصلحة، وللظروف المتبدلة المتصلة بهما، فتكون جامعة وإقصائية في آن، فنراها تجمع حليفين لتقصي – وبشكل حاد –  حلفا آخر أو جماعة أخرى.

من تجليات هذا الإنتقال الكيفي للتفاهمات، الزيارة الميمونة للرئيس أمين الجميل إلى الجنوب . هذه الثنائية التي ضاقت بالأقربين، اتسعت فجأة لتحضن صاحب 17 أيار وفتى الكتائب وشقيق بشير الجميل وبطل قصة البوما، بينما كانت، ولا تزال، تضع مجهرها الأمني – الخاص والعام – لمراقبة منافسيها، مصنفة إياهم بين شيعة عوكر وشيعة بندر وشيعة 14 آذار والمعتدلين الشيعة، مع ما لهذه التسميات من مدلولات تخوينية وتحريضية تصل إلى حد إباحة الدم، نعم إباحة الدم بالمعنى الحرفي للكلمة. وهذا ما فعلته الثنائية الآنفة الذكر، لدى قيام السيدين علي الأمين ومحمد حسن الأمين بأداء واجب العزاء للضيف المحتفى به، بوفاة نجله، النائب والوزير بيار الجميل.

وللمراقب أن يتخيل تبدلاً في شخص المضيف فقط. فماذا لو حل الرئيس الجميل ضيفا عند من هو خارج الثنائية المرحة؟ وماذا لو أنه هو نفسه، قد دخل الجنوب دون استئذان أو تنسيق، أو تناول الغداء على غير مائدتهم؟ بطبيعة الحال، وبحكم التجربة، لانتشرت الألوية الصفراء والخضراء لتحري القادم واستنطاق القائم، ولتشفّت صحفهم الصفراء.

عودة إلى الوراء في الزمن، تفيد لكشف صورتهم. إلى ذلك التاريخ، عندما نعت الرئيس نبيه بري، النائب والوزير الراحل علي الخليل بالكاردينال، نظرا لعلاقته الجيدة مع بعض الجهات المسيحية. أو إلى سنوات خلت، عندما علق بري نفسه، على تحالف بعض القوى في الإنتخابات القول: إن أهل الكفر ملة واحدة، متجاهلاً أنه كان السباق إلى ذلك التحالف.

ومنكم نتعلم يا دولة الرئيس، أنتم وحلفاؤكم، من أقصى اليمين الملوث إلى أقصى الإشتراكية الطائفية المتمذهبة… ملة واحدة.