لم يعد مجديا الحديث عن صوابية أو عدم صوابية قرار وزير خارجيتنا الدكتور علي الشامي بالموافقة على حضور السفير اللبناني في ساحل العاج علي عجمي حفل تنصيب الرئيس لوران غباغبو، فما حدث قد حدث ، وها هي الجالية اللبنانية هناك تدفع الثمن أرواحا وأموالا ورعبا. فمن المعروف بمقتضى القانون أن وزير الخارجية هو الرئيس المباشر للسفراء المعتمدين في الخارج، وأنهم – أي السفراء- إنما ينفذون في مهامهم تعليمات وزير الخارجية دونما مسؤولية تذكر على هذا السفير أو ذاك.
لقد أوضح نص البرقية التي نشرتها صحيفة النهار بتاريخ 30/12/2010 والتي أرسلها السفير علي عجمي إلى وزير الخارجية ،بأن حضور السفير كان بعد إشارة وزير الخارجية . لكن ما لم توضحه البرقية ولا سائر المراسلات ولا أخبار الصحف هو الحيثيات التي بنى عليها وزير الخارجية قراره،إلا إذا كان الإرتجال هو سيد المواقف اليوم. وبالحديث عن دور وزير الخارجية يطرح السؤال التالي نفسه: هل أن وزير الخارجية اليوم هو سيد وزارته؟؟ أم أن ثمة جهات أخرى تؤثر في قراره، منها ما هو خارج الوزارة ومنها ما هو داخلها؟؟
غاية المقال اليوم ، هو تحديد المسؤولية.
فإذا كان حضور السفير اللبناني ضروريا في حينه، حماية لأرواح ومصالح الجالية اللبنانية في ساحل العاج، فإن ذلك لا يعفي وزارة الخارجية ومن وراءها من مسؤولية معالجة تداعيات هذا القرار وإن كان صائبا. وما نسمعه اليوم من مواقف يظهر بأن المكابرة تطغى على المسؤولية، بحيث أصبح الهم الأكبر لأولئك المكابرين هو إعفاء أنفسهم من المسؤولية وليس إيجاد الحلول للأزمة التي تهدد حياة حوالي 70000 لبناني هناك وما يقارب 500000 لبناني مقيم يعيش القلق والخوف على الصديق والأخ والإبن والأب والقريب.
أما إذا كان حضور السفير المعروف بصلاحه وصدقه ،يخفي صفقة ما بين الرئيس غباغبو وشركاؤه وبين الجهة التي أوعزت للسفير حضور حفل التنصيب، فإن أسئلة عديدة ستتبادر إلى الأذهان:
من المستفيد من هذه الصفقة التي تمت على حساب أرواح و أرزاق اللبنانيين؟
أين وزارة الخارجية من رعاياها المنتشرين في أربع جهات الأرض؟
أين هي المديرية العامة للمغتربين وأين دورها ومديرها؟؟
أين التبني السياسي الرسمي للإغتراب اللبناني الوازن في مختلف المناطق والقطاعات؟
هل أصبح المغتربون مجرد أصوات موسمية ؟؟
هل باتت علاقة الدولة بالمغتربين محصورة بالمتمولين فقط ؟؟
هل أصبح مغتربو أفريقيا في خانة الشيعية السياسية وأجهزتها، وجزءا من عدة العمل السياسي لديها؟؟
لقد بح الصوت بالنداء،نريد تخفيض كلفة تذكرة السفر لمن يرغب بالعودة قبل احتدام المواجهة التي أنذرت بقدومها، لكننا لم نجد آذانا صاغية.
إنه لمدعاة للكفر واليأس أن تهمل السلطة رعاياها المهددين بالقتل والأذى، في حين أن كلفة الإجلاء لا تعادل عمولة صفقة واحدة يجريها مسؤول واحد .كما إنها مدعاة للخيبة عندما يرى حوالي 70 ألف لبناني ثورة مسؤوليهم عندما يشعرون بالغبن إزاء تعيين موظف من الفئة الأولى،مقابل اللامبالاة تجاههم في دولة مظطربة الأوضاع والأحوال .
إن المواقف المرتجلة والمشبوهة الغاية، إضافة إلى الزبائنية السياسية في تعيين الوزراء والسفراء في الإنتشار وفي الإدارة، من الأقارب والأبناء والبنات والأصدقاء ، أمور جعلت من وزارة الخارجية والمغتربين وزارة منسية ومشلولة ، في حين يجب أن تكون الأكثر تألقا ونجاحا وإنتاجية لارتباطها بجاليات واسعة ووازنة وفاعلة في كافة أنحاء المعمورة.
إن الإهمال الرسمي والسياسي لما يعانيه اللبنانيين في ساحل العاج، والذي أفضى إلى ما وصلوا إليه من ضيق وخوف وحصار، أنما ينزع القناع عن المتشدقين بحمل مسؤولية المواطنين المقيمين والمغتربين، ويكشف زيف العلاقة بين المسؤول والمواطن، هذا المسؤول الذي لم يجد حتى الآن من يسأله ولا من يسائله.
ســامــي الجــواد
04/04/2011