ممارسة الجنس ليست عيبا وليست جرما، بل إنها ترتقي لتكون حقا، وبين الزوجين تصبح واجبا ربما. لكن، عندما يصبح الجنس سلعة تباع في السوق فإنه يصبح دعارة، وبالتالي، عيبا وجرما وأبشع. الأمر نفسه يسقط على الرأي وأصحاب الرأي من سياسيين وإعلامين سياسيين، فالإنتماء الى خط سياسي والدفاع عنه والتبشير به، ليس عيبا أو جرما يطال هذا الإعلامي أو ذاك، لكن، عندما يصبح الولاء السياسي والتبشير الإعلامي له وبه سلعة تباع وتشترى، يصبح ذلك التبشير البوقي( من بوق) دعارة إعلامية.

بعض الإعلاميين يمارسون تلك الدعارة ك freelancers . أما البعض الآخر فيحظى بمحطات وصحف وإذاعات تستضيفه وتسوقه، وهي بذلك ليست إلا بيوت دعارة.

لا شك أن الدور الإخباري للصحافة قد انحسر وخسر بعض بريقه في صناعة الخبر، نتيجة تحول الكون في العصر الرقمي إلى قرية كونية، بالإضافة إلى تحول وسائط التواصل الإجتماعي إلى منابر متاحة لكل من شاء، متى وكيف يشاء،  لكن يبقى للقلم الحر والصوت المستقل دورهما الرسالي في تحفيز الوعي الوطني والمواطني، وكذلك في صياغة آراء ورؤى وأساليب خطاب تشكل حجة على العاملين في الحقل العام وعلى البقية من أصحاب الرأي في آن.

لكن، أن يكون للإعلامي مرافقا تدفع الدولة أجره من غير وجه حق، و من مال الناس، وراتبا يدفعه له هذا الجهاز الأمني أو ذاك، وعقدا استشاريا في هذه الوزارة أو تلك، ليكون في المقابل بوقا إعلاميا مأجورا منتفخ الأنا ذائع الصيت والرائحة في الإسترزاق السياسي يشرق في عاصمة ويغرب في عاصمة من عواصم الغرب، يسكن الشقق الفارهة ويقود السيارات الفخمة، بل ثمة سائق يقود سيارته ذات الرقم المميز والثمين، كل ذلك مقابل أن يشهد على أبناء ملته ويشهر بهم في محاولة لإضافة بعض الموضوعية على كلامه وتذكية نار الكيد والنكاية، أن يكون كل ذلك، وهو كائن فعلا، فإنها دعارة إعلامية لا يستضيفها إلا بيت دعارة.