إلى السيد حسن نصر الله : ” الإقطاع عاد إلى الجنوب “
من موقعه في قيادة حزب الله , قيادة المقاومة , ينتظر من السيد حسن نصر الله عادة خطابا جامعاً عادلاً صافياً كالمقاومة نفسها , لكنه يعود من حين إلى آخر نتيجة لإنفعال ظاهر أو مستتر ليبرهن أن العدالة في خطابه وسلوكه السياسي غير موجودة أو على الأقل ليست على المستوى المطلوب .
” الإقطاع لن يعود إلى الجنوب ” وعد جديد أطلقه السيد حسن نصر الله في خطابه المتلفز خلال تكريمه للماكينة الإنتخابية للحزب في الرويس بتاريخ 17 – 06- 2009 . وعد جديد لا بد أن يتحقق بتسديد إلهي بعد أن احتكر البعض الوكالة الحصرية لله في أرضه .
ولكي أظهر حقي في الرد رجعت إلى معنى كلمة “إقطاع” وكلمة “يعود” في السياسة وفي اللغة . الإقطاع في السياسة هو الإحتكار السياسي والتوريث رغماً عن إرادة الشعب , أما العودة فتعني الرجوع إلى البدء , والرجوع يسبقه الذهاب وبالتالي فإن عودة المرشح الذي لم يسمه السيد حسن ” تواضعاً ” هي عودة الذاهب قبله واستمرارا له كما يريد السيد نفسه , فوصفه بالإقطاع ووصله بما قبله . وهنا أجد نفسي في الموقع الطبيعي والمحق للرد :
لقد كان آل الأسعد العائلة الإقطاعية الأبرز في الجنوب وفي جبل عامل تحديداً وكان لهم الفضل الأكبر في حماية الشيعة وإبقاء التشيع في ذلك البحر الكبير الذي كانت تمثله الإمبراطورية العثمانية . كما كان لهذه العائلة مقاوموها وشهداؤها سواء في مواجهة ألأتراك ام في محاربة الإنتداب . وهنا نستغرب ان ينسى السيد حسن ما لهذا البيت من مواقف ومآثر فيصوب عليه دون غيره بتهمة الإقطاع . والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لماذا يفاخر السيد حسن بأنه قضى على الإقطاع الشيعي في حين أنه يحضَر السجاد الأحمرلاستقبال الإقطاعي التقدمي كما يحالف الأمراء والبكوات من طوائف أخرى؟ ؟ إنه خلل في عدالة الموقف سببه مشاعر دفينة لا أعرف مسبباتها . ويبدو مما ظهر في هذه المعادلة أن معركة مرجعيون حاصبيا أنما كانت على قاعدة ” كرهاً منا لأبيك ” مع علم الجميع بأن الرئيس الأسعد لم يخض تلك المعركة .
أما الموقف الأكثر تجنياً وفظاعة وانحيازا فهو تجاهل السيد حسن نصر الله لمواقف الرئيس كامل الأسعد الداعمة للمقاومة وسلاحها , تلك المواقف المنطلقة من اقتناع الرئيس الأسعد بصوابيتها وانسجاماً منه مع نفسه وتاريخ عائلته الإقطاعي ودون منة منه على المقاومة ودون تودد من أحد مهما عظم هذا الأحد أو ظن أنه عظيم . أما الموقف الأهم الذي تناساه السيد نصر الله فهو موقف الوالد تجاه نجله عندما حاد عن ثوابت الإقطاع ومبادئه في الغيرة على المقاومة والتعالي على جراح السياسة وحفظ الكرامات .
في زمن الإقطاع يا سيد حسن كانت الطائفية سياسية فقط , ولم تتفشى في حنايا المجتمع . اما اليوم فالطائفية والمذهبية أصبحت بضاعة رائجة وإذا بك تقسم الأصوات بين شيعي وسني وماروني بينما كانت بيوت الإقطاع التي تفاخر باقفالها موئلاً لعائلات الجنوب الروحية والسياسية على اختلافها .
على لوائح الإقطاع يا سماحة السيد كان هناك كفاءات ورجال , كان هناك الدكتور رفيق شاهين وزيراً والمحامي الشاب عبد اللطيف الزين والبرلماني العريق المحامي إدمون رزق , كان هناك السيد محمد صفي الدين والسيد جعفر شرف الدين , كان رائف سمارة وغالب شاهين ولا انسى توزير المحامي ابراهيم حلاوي المعارض للإقطاع وفي عهد الإقطاع نفسه . أسماء معروفة مشهود لها بالكفاءة لا رائحة فساد تفوح منها ولم تلطخ أيديها بالدماء . أما اليوم ومنذ انتخابات 1992 انتقل جلاوزة الميليشيات وأصحاب الحواجز والخوات واصحاب الأيادي السوداء والحمراء انتقلوا عبر لوائحكم ليمثلوا الشيعة في مجلس نواب الأمة .
امام أعينكم يا سماحة السيد , عشعش الفساد في قصور الزعامات التي حميتموها بالتكليف الشرعي وحضن الطائفة .
في عهد الإقطاع يا صاحب السماحة كان الإقطاعي ينحني ليقبَل يد رجل الدين العالم , أما اليوم وبعد ذهاب عهد الإقطاع تراهم على اختلاف عمائمهم وألوانها يتنقلون بين قصور الزعماء , منهم المداح ومنهم الوسيط ومنهم من لم يانف الجلوس إلى طاولة رستم غزالة في عنجر وما أدراك ما عنجر !
في عهد الإقطاع كان الإقطاعي يورث ما بقي من املاكه لخلفه , أما اليوم , وأمام ناظريكم يغتني من النيابة فالوزارة من لم يرث ليبني القصور ويجمع في المصارف علناً وبكل وقاحة ما يساوي كل ثروات الإقطاع لقرون خلت , وذلك دون أن يستنكر أحد ذلك ودون أن يصدر اي تكليف شرعي أو سياسي على الأقل ضده . وهنا نستغرب كيف تلزمون الناس بالإقتراع للقتلة واللصوص وضد الأوادم والشرفاء باسم الله وشرعه .
في عهد الإقطاع كان الإقطاعي محل تأييد وانتقاد يربح الإنتخابات حيناً ويخسرها حيناً آخر , أما في عهدكم فالإعتراض ممنوع لأنه اعتراض على الله وهذا أخطر ما شهدته الإرادات من إرهاب وتخويف وهو يزيد خطورة عن الملايين التي تحدثتم عنها . واستطراداً لماذا لم نسمعكم يا صاحب السماحة تسألون عن الملايين التي نهبت من حقوق الجنوبيين المدمرة بيوتهم والمسفوكة دماؤهم , تلك الملايين التي استفاد منها حلفاؤكم وذوو قرباهم حتى استحالت بيوت المحرومين في الجنوب قصوراً في بروكسل ولندن وغيرها وأكثر من ذلك , ألم يصرف من المال الطاهرفي سوق الإنتخاب؟ بلى
نعم لقد نال أحمد الأسعد أقل من ألف صوت شيعي , ولست في موقع المدافع ,لكن أنسيت أشكال التحريض الطائفي والتخويف من الفرق الخمسة رغم التعهد بتدميرها لتسقطوا المسؤولية على ضمير الناخب إذا ما كان حراً؟وها أنتم تفاخرون بأنكم تمثلون الصوت الشيعي الذي كسبته المقاومة بحق وكسبه التكليف الشرعي الجائر ونهر المال االنظيف غير المسبوق , مال يصرف في السياسة في بلد الفقر والبطالة .
وهنا يطيب لي أن أذكركم بانه حين نال تحالفكم الواسع والشامل في العام 1992 وبكل تناقضاته 120000 صوتاً , نال كامل الأسعد وحيداً45000 صوتا , الأكثرية لم تكن عندكم . وهنا استغرب كيف خسر كامل الأسعد الإنتخابات ولم يحد عن موقفه , وبقي مع المقاومة وسلاحها , وبقي مع الوطن والمواطن وهنا أنتم تربحون الإنتخابات وإذا بكم تنقلبون على أنفسكم وعلى شعبكم وعلى من وقف معكم حتى وصل بكم الحد غلى الحديث عن تمثيل الأكثرية الشيعية متناسين بأن سيد شهداء الإسلام الإمام الحسين بن علي (ع ) استشهد وأهل بيته وهو يقود سبعين رجلاً في مواجهة عشرات الألوف . الحق ليس مع الأكثرية .
لقد اظهرتم ما لديكم وأظهرنا ما لدينا ونحن سنتبع الآية الكريمة التي تقول ” ولا يجرمنكم شنئآن قوم على ألا تعدلوا , اعدلوا هو أقرب للتقوى ” سنعدل يا سماحة السيد لأننا أصحاب قضية و نفوسنا صافية , سنبقى مع المقاومة وسلاحها وشبابها وشعبها , وكونوا أنتم مع من اخترتم وحالفتم وتبنيتم لا ننكر فضل المقاومة في التحرير العظيم ولا تستطيعون إنكار دوركم في استعباد الناس وقهر الإرادات وحماية الطواغيت والمفسدين باسم الله وسيف المقاومة .
لقد اخطأتم يا سماحة السيد حين حملتم وازرة وزر أخرى بينما كان حري بكم أن تعدلوا وتنصفوا أصحاب المقامات والمواقف .
إنها عقد النصر الذي جعلكم تقلبون هزيمة منيتم بها إلى نصر مبين على مرشح ما تبناه ألإقطاع . كان وعدكم انكم تستطيعون حكم دولة أكبر من لبنان مئات المرات وصار نصركم انكم هزمتم من لم يبارز .
سامي الجواد
18\6\2009