لقد ورد في جريدة الأخبار مقالاً للسيد أسعد أبو خليل تحت عنوان “إبن الزعيم، حشرجة الإقطاع الشيعي” وقد تضمن هذا المقال جملة إفتراءات ومغالطات أساءت إلى موقف الرئيس كامل الأسعد من عدة قضايا.
بداية نرى أنه كان حريا بالسيد أبو خليل أن يعرّف القراء الأعزاء بأنه نجل الراحل الأستاذ إحسان أبو خليل ،الأمين العام الأسبق لمجلس النواب وأقرب المقربين للرئيس كامل الأسعد لعقود من الزمن. ذلك لأن هذا التعريف يلزم السيد أبو خليل الإبن -أدبيا”- بتوضيح موقع وموقف والده من تلك المرحلة، وبالتالي فأما أن يكون الوالد موافقا” على ما ساقه الإبن من أقاويل وافتراءات حاقدة فيكون شريكا” في الإثم ، وإما أن يكون غير موافق فيصح وصفه بسارق المراحل ، أي أنه كان يتلطى في منصبه عى حساب مبادئه الأخلاقية والوطنية . ونحن طبعا لا نشك بالإلتزام الوطني والأخلاقي للأستاذ إحسان رحمه الله ، لكننا نشكك فقط في حسن تربيته الأخلاقية لنجله الآنف الذكر.
وقبل أن نبدا بدحض مزاعم وتلفيقات السيد أبو خليل لا يسعنا إلا أن نلاحظ تكرار كلمات
(بائدة،موت،إحتضار، مقتل،مثخن) الأمر الذي ينم عن حقد شخصي دفين ، لا بل عن عقد نفسية يعيشها السيد أبو خليل ولا ندري أسبابها لكننا ندعو له بالشفاء منها .
أما في ما يتعلق بالمغالطات والأخطاء المتكررة التي وقع فيها الكاتب والتي يعود بعضها إلى الحقد الشخصي الذي غالبا ما يعمي البصيرة ، بينما يعود البعض الآخر إلى الجهل بأبسط الوقائع وحقائق الأمور ، الأمر الذي يجعلنا نشعر بالأسى تجاه طلاب السيد أبو خليل وبالخجل تجاه الجهة التي أعطته صفة ( الأستذة ) . وعليه فإننا نفند تلك المغالطات تباعا بحسب ورودها في المقال:
أولا” : يقول الكاتب أن ولادة إبن الزعيم أي الرئيس كامل الأسعد كانت الضربة القاضية على الزعامة الأسعدية ، والصحيح هو العكس تماما . فقد تألقت هذه الزعامة حينها وازدادت وهجا وتأثيرا في الحكم وفي الحياة السياسية حيث كان الرئيس الأسعد من أهم أركان الحكم في لبنان وصانع رؤسائه. اما خسارة رئاسة المجلس فإنها الثمن الأبخس الذي اختاركامل الأسعد أن يدفعه فداء لوطنه عندما أريد له ان يقايض الرئاسة بكرامته الشخصية والوطنية وبدماء أبناء طائفته ووطنه ، وأبى ذلك .
ثانيا”: في الحديث عن السيدة الفاضلة المرحومة أم كامل فإننا لن نرد عليه لأن البيوت الجنوبية من الأخصام و الأصدقاء لا تزال تتناقل الحديث عن تلك السيدة المؤمنة وأخلاقها الحميدة وإحسانها إلى أبناء طائفتها ومجتمعها.
ثالثا”: في قوله عن لسان المرحوم أحمد الأسعد أن الجنوب لا يحتاج إلى مدارس لأن كامل يتعلم ، فهذا حديث مجتزأ ومشوه بسوء نية ناقله ، لأن المرحوم احمد الأسعد قال أنه يعلّم إبنه عندما أخبره بعض المناصرين بأن أنصار الرئيس عادل عسيران رحمه الله يعيّرونهم بأنه متعلم اكثر منه – من أحمد الأسعد-. ولا علاقة لذلك الحديث بالمدارس إطلاقا .
رابعا”: لا ندري مم استدل أسعد ابو خليل على كره الرئيس كامل الأسعد لطائفته؟ أمن صونه لدماء الشيعة ؟ أم من حفظه لمالهم ؟ أم من خلال كبريائه وعنفوانه اللذان تجسدا ترفعا” وصدقا” واستقامة سواء” في سلوكه الشخصي أم من خلال تمثيله لطائفته التي تشرفت به كما تشرف بها. اما السؤال الذي نطرحه هنا على السيد أبو خليل هو عن سبب سكوته إزاء كل ما جرى ويجري من استباحة للدماء الشيعية والأموال والإتجار بالقضية والإنبطاح أمام ضباط المخابرات من مختلف الجنسيات؟؟
خامسا”: نسأل السيد أبو خليل من أخبره بأن كامل الأسعد طلب أن ينهي طعامه وشرابه بعد تلقيه خبر وفاة والده؟ وهل كان أبو خليل نفسه هو شخصيا” جليس كامل الأسعد على تلك المائدة؟ واستطرادا” نسأل هل من كاتب يحترم نفسه يعرض حادثة ثم يقول بأنه لا يعرف مدى صحتها؟ إن السؤال الأصح هنا يجب أن يكون حول صحة كاتب المقال نفسه .
سادسا”: نؤكد للسيد ابو خليل بأنه لولا إرادة الرئيس كامل الأسعد واقتناعه لما تأسس المجلس الشيعي علما”بأن رئيس المجلس النيابي آنذاك كان المرحوم صبري حمادة وهو معارض للفكرة أساسا” . وهذا ما تثبته محاضر مجلس النواب وتغطيات الصحف اليومية في تلك الحقبة. وهذا ما يدل على جهل أبو خليل حتى للأحداث الموثقة.
سابعا”: إن قوله بأن الأحزاب الشيوعية واليسار والمقاومة الفلسطينية كانت تنخر عضد الإقطاع الشيعي يجعلنا نذكره بأن تجاوزات هذه الأحزاب ولا سيما المقاومة الفلسطينية وتوغلها في الحرب الأهلية إنما كانت بذلك تنحرف عن هدفها وتنخر عضد الوطن برمته وليس عضد الزعامات الوطنية وحسب. وهذا ما أدلى به أهم رموز الحركة الوطنية السيد محسن إبراهيم في خطابه بالذكرى السنوية للشهيد جورج حاوي في قصر الأونيسكو .
ثامنا” : الدليل الإضافي على جهل كاتب المقال وتطفله على تاريخ الجنوب، هو زعمه بأن المرحوم محمد داود الزيات (1929-1961 ) كان مرشحا ضد الإقطاع ،في حين أنه كان سيترشح على لائحة المرحوم أحمد الأسعد لولا حلول الرحوم علي العرب مكانه ، وذلك في انتخابات 1960 وذلك على وهج ثورة 1958 العروبية والتي كان المرحوم أحمد الأسعد أهم أركانها .
أما الخطأ الفادح الذي يثبت التشتت الذهني والضياع عند السيد أبو خليل فهو ادعاؤه بأن الرئيس كامل الأسعد كان قد أستعان بالنظام السوري لتأسيس الحزب الديمقراطي الإشتراكي وميليشيا مسلحة، فمن علامات الغباء أن لا يعرف أستاذ العلوم السياسية بأن الحزب تأسس في العام 1969 أي قبل تشكل النظام السوري الذي يتحدث عنه على أثر الحركة التصحيحية . واستطرادا” نقول بأنه ربما إختلط الأمر على السيد أبو خليل بشأن الميليشيا المسلحة بتلك المجموعة المسلحة التي أرسلها رفعت الأسد لحمايته خلال تواجده في منزل إحسان أبو خليل وذلك تلبية لدعوة الأخير له على الغداء ، الأمر الذي أدى إلى انهيار والدة أسعد من ذلك المشهد وهي السيدة الفاضلة إبنة المرحوم الشيخ عبدالله العلايلي .
تاسعا”: إن القول بأن مستشار الرئيس الأسعد شارل خوري والذي استمر في المجلس حتى العام 2005 كان صلة الوصل مع الإسرائيليين وأن الرئيس الأسعد قد قابل إسرائيليين في عهد بشير الجميل ، فهذا محض كذب وافتراء لم يجرؤ أحدا” على التفوه به . وإذا كان من المفيد السؤال عن هذا الموضوع فإن الجواب كان من الممكن أن يكون عند المرحوم إحسان أبو خليل الذي كان لصيقا” بالرئيس الأسعد ومقربا” منه . إلإ إذا كان المرحوم إحسان قد نسق تلك اللقاءات مع الإسرائيليين وأخبر نجله لاحقا” بها؟؟؟؟
عاشرا”: الإيحاء بأن ميشال المر – العراب المالي لبشير الجميل – قد أقنع الرئيس الأسعد بانتخاب بشير الجميل ، فهذا من نسج خيال الراوي . فالرئيس الأسعد كان قد حذر المر حينها من تقديم أي مبلغ لأي من النواب المحسوبين عليه . وهذا الوزير المر حي يرزق . أما تبني ترشيح بشير فكان بعد 10 جلسات حوار بين الرجلين إنتهت إلى ضمانات وتعهدات قدمها الجميل على صعيد السياسة الداخلية والقومية والدولية ، إضافة إلى عدم وجود أي مرشح سواه .
حادي عشر : وبما ان ابو خليل يعرف موقفنا من استضافة ذلك اليهودي لإحمد الأسعد في واشنطن كما أسلف في مقاله فإننا نسأله: هل أن الزواج من يهودية هو أقل خطورة من ذلك اللقاء ؟؟
في الختام لم نجد في مقال السيد ابو خليل ما يبرره إلا الحقد الشخصي غير المبرر وبعض العقد النفسية والتشتت الذهني . الأمر الذي يذكرنا بما نعته به زميله الأستاذ حازم صاغية بقوله : (إنك اسعدان وربما مجموعة أسعدات ). فبينما يصوب على الإقطاع الشيعي يعتب على الميليشيا الشيعية بأنها لم تقض على الإقطاع الآخر وهنا يبدو كالمستجير من الرمضاء بالنار . وفي الوقت عينه يغض الكاتب الوطنجي والقومجي نظره عن الفساد والمفسدين والإثراء غير المشروع واستباحة دم الشيعة والفلسطينيين وإلغاء المؤسسات ومن خلالها الدولة ناهيك عن الإرتهان للخارج و أبشع أنواع الإثارة الطائفية والمذهبية . نسي بل تناسى أبو خليل بأنه في زمن الإقطاع خسر كامل الأسعد النيابة عام 1960 ورئاسة المجلس مرات عديدة وذلك في ممارسة ديمقراطيةغائبة اليوم و تتناقض وفكرة الإقطاع كما عرضها .
لقد كذّب أسعد أبو خليل وأشهد نفسه ، فبئس الشاهد والشهيد .
سامي الجواد
المستشار الإعلامي
للرئيس كامل الأسعد
بيروت في: 3\04\2009