الحملة الوطنية لرفع سن الإقتراع

في خضم السجال الدائر حول الإصلاح  الإنتخابي، أجد نفسي مقتنعاً بالدعوة إلى رفع سن الإقتراع لا إلى تخفيضه،وذلك رغم يقيني بأن مخالفة السائد  في أي  موضوع إجتماعي هو أمر مكلف ومتعب .

أبدأ بتبرير موقفي بالتعريف بالناخبين بين 18 و 21  عاما ، والذين يبلغون حول 282000 ناخب، أنهم الفئة التي لا تزال تملك حداً  من الحرية ، لكنهم  قد إستنشقوا ما يكفي من سموم الأجواء اللبنانية الملبدة بالطائفية من جهة وبالمذهبية من جهة ثانية وبالحزبية داخل الطائفة والإستزلام داخل هذا الحزب أو ذاك.

        فلماذا الإصرار على خفض سن الإقتراع؟ وإلى أي نعيم يصر المعنيون أن يدخلوا الشباب إليه. فإذا كان الجميع يعلم بأن العمليات الإنتخابية مشوبة بعيوب كثيرة أهمها قانون الإنتخاب نفسه ، يضاف إليه حجم المال الذي يصرف في شراء الذمم ، إضافة الى الوظائف والإغراءت التي تبقى مرهونة بسلوك الناخب.  إذا كنا جمعياً نعلم ذلك ، فلماذا لا نؤجل دعوة هؤلاء الشباب للدخول إلى سوق البيع والشراء والوقوف على الأعتاب وتغذية الإصطفافات والإنقسامات الموجودة بدم شاب ونظيف؟ لماذا لا تؤجل هذه الدعوة إلى ما بعد الإصلاح الإنتخابي بداً بالبلديات ؟ و هل أصبح موعد الإستحقاق هو الإستحقاق نفسه؟؟ وهل بتنا محكومين تحت شعار إحترام المواعيد الدستورية أن نهيـن شعباً بأكمله؟

        إن التجديد للبلديات الراهنة لسنة إضافية يبقى أخف وطأة من إنتخاب مجالس  جديدة لست سنوات إضافية على أساس القانون الحالي .

        إن  الإصلاح الجذري لقانون الإنتخاب هو الشرط الأساسي لخفض سن الإقتراع بحيث يدخل الشباب إلى المسرح السياسي الخالي من ترسبات الماضي والذي يسمح بدوره للكفاءات والطاقات الشبابية أن تلعب دورها . فالنسبية مثلا هي الخطوة الأولى في طريق تخفيف حدة العائلية والمذهبة والطائفية والحزبية . الأمر الذين من شأنه أن يحفظ العائلات والطوائف والمذهبي والأحزاب دون أن تلغي بعضها بعضاً فيكون التنوع السياسي هو المختبر السليم لإنتاج وحدة وطنية تتفاعل على أساس التكامل بعيداً عن هواجس التهميش ونزعات الإلغاء.

     المثل الآخر هو اشتراط التحصيل العلمي وذلك بإعطاء إمتيازات لحملة الشهادات وذلك تحقيقاً للتكافؤ والعدالة. إن إشتراط مستوى علمي معين لرئيس ونائب رئيس المجلس البلدي، من شأنه أن يفرض على القوى الكبيرة أن ترشح خيرة الكفاءات لا أن تفرض ما تشاء بفعل القوة العددية أو غيرها.اما القول بأن التحصيل العلمي ليس شرطا لانتخاب النواب فكيف يكون شرطا لما هو دون ذلك ، فهو قول مردود  وهو بالتالي عذر اقبح من ذنب. فالبلدية هي إدارة محلية بالتعريف القانوني ، وبالتالي يتطلب العمل فيها حدا أدنى من العلم  للقيام بمهامها .فعندما يقر هذا الشرط نكون قد أحرجنا النواب والوزراء للعمل على تطبيقه في الإنتخابات النيابية.

هذا في القانون…. فماذا عن الحقوق الأهم من حق الإنتخاب؟ ؟ فبأي حق ندعو لإعطاء حق الإنتخاب لمن لا يملك الحق بالإستشفاء والتعلم و( الأكل) بكرامة؟؟ ماذا عن التنشئة الوطنية وغسيل الدماغ الصحي بعد كل ما شهدنا ونشهد حتى اليوم من انقسام وتعصب  ونفوس مشحونة.؟.ماذا عن الإعلام الطائفي؟؟ماذا عن الأندية الرياضية المتحزبة والمتطيفة؟؟ماذا عن المحسوبية ؟؟وهل تستطيع الدولة  أن تضمن للشباب حدا ادنى من  تكافؤ الفرص  دون الحاجة الى الإستزلام من أجل الوظيفة ؟؟ ان أزمة التعيينات الإدارية التي تتفاقم اليوم ويتفاقم معها الشلل في الإدارة ، لهي خير دليل على عدم جهوزية الحكم لاستدعاء الشباب لخوض التجربة السليمة.

إن تأمين العدالة الإجتماعية والحرية السياسية بكافة أوجهها  ومن ثم سن القوانين التي تضمنها ، هي الشروط الموجبة لخفض سن الإقتراع، وإلا فلنرفعه أكثر ونبعد المزيد من الشباب  عن مصيدة الحاجة ومكيدة الشحن الطائفي وعن سوق البيع والشراء في مواسم الإستحقاقات المتنوعة.

                                           سامي الجواد

قيادي في الحزب الديمقراطي الإشتراكي

25/شباط/2010