لقد ثبت بما لا يقبل الشك أن مشكلة الكثيرين مع سلاح حزب الله لا تنطلق من دور هذا السلاح في عملية المقاومة للعدو ، بل من القوة السياسية التي تنتج عن ممارسة دور المقاومة لصالح فريق من اللبنانيين دون غيرهم. فالمراجعة البريئة والسريعة لمواقف النائب وليد جنبلاط الأخيرة، مع سابقاتها من مواقف رئيس المجلس النيابي غير المعلنة التي سربتها وثائق ويكيليكس، بالإضافة إلى مواقف فريق 14 آذار المعلنة أصلا في رفضها لوجود السلاح بيد حزب الله، نرى ان ثمة مشكلة حقيقة موجودة مع هذا السلاح عند العديد من اللبنانيين بصرف النظر عن الإصطفافات الحالية التي لم تعد ولم تكن أكثر من متاريس وهمية وانقسامات سطحية. لكن الفرق في مواقف الأفرقاء السياسيين من موضوع السلاح هو أن البعض جعلته السياسة يعلن ما يضمر بينما جعلت الآخر يعلن عكس ما يضمر. ولو تمعنّا قليلاً في المفردات والتعابير التي تستعمل لدى معظم الذين قاربوا هذا الموضوع ، نلاحظ اشتراكهم في الحديث عن القوة والإستعلاء والهيمنة والحكم والسيطرة والإنقلاب، الأمر الذي يعكس الخشية والحذر والتوجس من القوة السياسية التي يولدها وجود السلاح واستعماله ،وذلك في معزل عن أية مخاوف أمنية مزعومة يعرف مطلقوها أنها فزاعات سياسية لاستدرار العطف. ليس في اللبنانيين من وجهة نظرنا من يرضى بالتهديد الإسرائيلي، ولا من يرضى بهزيمة المقاومة، لا سمح الله، لكن القيمة المضافة التي يعطيها حمل السلاح وعمل المقاومة تجعل من هذا السلاح إياه، مصدرا لقوة سياسية تصرف في مختلف الميادين والإستحقاقات، الأمر الذي من شأنه ان يقلق الآخر ،خصما كان هذا الآخر أم حليفا، والأمر هنا منطقي ومقبول بل ومبدئي أيضاً . للحقيقة، وبعيدا عن لغة التخوين والتخويف، وبعيدا عن الكيدية في إتخاذ المواقف والمواقف المضادة، فإن ثمة حذر مبرر عند هذا الطرف أو ذاك من القوة السياسية الناتجة عن حمل السلاح وحمله، وليس من المدى الميداني لهذا السلاح أو من قوته التدميرية. فعندما يكون العمل المقاوم مشرفاً ومربحاً في آن، فإن ذلك يجب أن يكون لصالح كل من يتبنى هذا الخيار، واستطرادا ، لصالح كل من يتحمل نتائجه وتبعاته سواء تبناه أم لم يفعل ، من دون أن يقلل ذلك من التقدير والتقديس للتضحيات النبيلة والعظيمة التي قدمها شباب المقاومة بروح فريدة وعنيدة. في عدوان تموز 2006 قتل العدو الاسرائيلي ما يزيد عن 1300 مواطن (لبناني) ودمّر الاف الابنية على الاراضي (اللبنانية) و جرح الاف المواطنين (اللبنانيين) وانعكست ضررا على الاقتصاد (اللبناني) و لا يسعنا إلا ان نؤكد بأن نهايتها كانت انتصارا ل (لبنان) كل لبنان. بعد نهاية الحرب بدأ حجم النصر بالتراجع حتى وصل في العام2009 ليكون حكرا على فريق دون اخر حتى في الجنوب الذي كانت كل حبة من ترابه مقاومة , كانت الانتخابات النيابية و جاء الاستفتاء على المقاومة ليبعد عن الساحة الجنوبية معظم الطاقات المجددة و الواعدة وأصدق أصدقاء المقاومة من ناخبين ومرشحين ، كما ابعد المقاوم انور ياسين في العام 2005 ،و كل ذلك بتجيير فاضح و غير مقبول للعام الى الخاص دون عدل او تجرد. ان استمرار السلاح بيد المقاومين هو ضمانة تحقيق السيادة الوطنية الكاملة و مصدر عزة وكرامة وطنية للجميع. اما القوة السياسية والانتخابية التي يدرها السلاح على حامليه دون غيرهم، فإما ان تكون قوة محايدة سياسيا وانتخابيا وام ان يكون ثمن الاجماع الوطني على السلاح المقاوم سحبه من العمل السياسي , و بتفصيل اكثر اما ان يكون للمقاومة مرشحيها خارج اي تحالف انتخابي مع ذلك الفريق و بالتالي ضد اخر واما ان يكون الاجماع الوطني على السلاح و ضمان وجوده مقابل ان تنسحب المقاومة من العمل السياسي افساحا في المجال امام العدالة وتكافؤ الفرص في الغنم والغرم. سامي الجواد 17/09/2011